الرئيسية » خواطر » احترام الوقت والميعاد … من حسن أخلاق العباد

احترام الوقت والميعاد … من حسن أخلاق العباد

عدت للتو من “موعد” طبي وأنا آسفة لما آلت إليه أحوالنا وأحوال احترام الوقت في مجتمعنا، حقيقة تألمت أن يصل الإستهتار بالمواعيد إلى موسسات عمادها الوقت و عملها منوط بالتدخل في الوقت المناسب. إن لم تحترم المواعيد عند الأطباء و المؤسسات الحكومية و الخاصة فعند من تحترم المواعيد إذن ؟

أقول هذا وأنا أعلم أن منكم من ستقول: ما علاقة احترام المواعيد و المؤسسات ؟ إن كان احترام الوقت خلقا مفقودا لدى الأفراد فكيف نطالب به  الأطباء و المؤسسات الحكومية أو الخاصة ؟ ففاقد الشيء لايعطيه.

time_respect

حسنا! الكل يقول أن الأوروبيين دائماً يحترمون الوقت والمواعيد ونحن لا نعير الوقت أي اهتمام، هل هذا الاعتقاد صحيح؟ نعم، ربما يلتزم الأوروبيون بالوقت ويعرفون أهميته كمؤسسات وكأفراد رسميين. لكن ليس بالضرورة -وكما يعتقد الكثيرون منا- أن جميع الغربيين يحترمون الوقت ويلتزمون بالمواعيد حتى على المستويات الاجتماعية والشخصية، وخصوصاً إذا عرفنا أن قيمة الوقت تقديرها يختلف من مجتمع إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى.

فالغربيون لم يلتزموا بالوقت ولم يحترموا المواعيد إلا لأن المؤسسات تقدر الوقت وتؤكد عليه، فلو طبقنا ثقافة احترام الوقت في مؤسساتنا الحكومية والدينية والمجتمعية لما ابتعدنا كثيراً عن معرفة أهمية الوقت ومن ثم احترامه.

فنلاحظ في الغرب الالتزام بوقت مواعيد المؤسسات المختلفة، وأوضح مثال ربما يراه الواحد منا في الغرب هو التزام رحلات الطيران بمواعيدها، والتزام القطارات والباصات بمواعيد تحسب بالدقيقة، فإذا كان الباص الفلاني يصل إلى المحطة الفلانية في التاسعة مثلاً، فلابد ممن يريد أن يستقل ذلك الباص أن يكون في المحطة عندها وإلا فاته الباص. ومن الملاحظ أن الغربي في بلادنا ليس بالضرورة يهتم بالتزام المواعيد وباحترام الوقت والسبب أنه إما يكون قد تأثر سلباً أو أن ثقافة الوقت تغيرت لديه! لذلك نرى الالتزام بالوقت والمواعيد ثقافة تعود الناس عليها في الغرب لأنها أمر جميل ويحترمه العقل بالإضافة إلى أنه أول ما يخدم فإنه يخدم فاعله.

هذا عن أصل هذه الثقافة وأولوية التزام المؤسسات بها وأثره المباشر على الفرد، ونحن كأمة الاسلام أولى بالالتزام بهذا الأمر إن فردا أو مجتمعا.

ولقد أقسم الله عز وجل بأوقات وأزمنة، لما لها من شأن عظيم:

  • فقال سبحانه ﴿ والعصر إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات… ﴾
  • ﴿ والضحى والليل إذا سجى…﴾ الضحى : 1 – 2.
  • ﴿ والفجر وليال عشر… ﴾ الفجر : 1- 2.
  • وجعل سبحانه الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا – وجعل عدة الشهور اثني عشر شهرا –
  • ثم حدد سبحانه وتعالى لنا مواعيد معه في كل يوم خمسة مواعيد ﴿ إن الصلاة كانت على المومنين كتابا موقوتا… ﴾ النساء :102
  • وموعد مع الله في عيد أسبوعي ﴿ يأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ﴾ الجمعة :9.
  • وموعد سنوي مع الله: ﴿ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، فمن شهد منكم الشهر فليصمه… ﴾ البقرة : 184.
  • وموعد مع الله مرة في العمر بحج بيته لمن استطاع إليه سبيلا.
  • وموعد كل إنسان للرحيل: ﴿ لكل أمة أجل، إذا جاء أجلهم لا يستاخرون ساعة ولا يستقدمون ﴾ يونس: 49.

وفي النقط التي عددتها آنفا تذكرة – لنا مومنين ومومنات- يتبين منها أن الحياة ليست عبثا، والمواعيد عهود وأمانات ﴿ والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ﴾ المومنون :8

فهل من مذكر ؟

 لذلك هذه الثقافة (وأقول ثقافة وليس قانوناً، لأنه من المهم أن نميز بين الثقافة والقانون الذي نرى كسره بسهولة وعدم الالتزام به) وهذا المعنى ليس بعيداً عن عقول الفقهاء والعلماء الكبار وكذلك الحكام والمسئولين الكبار، فهم أكثر الناس التزاماً واحتراماً للوقت والمواعيد. فلابد أن نعود بشكل رسمي وثقافي إلى الاهتمام بالوقت، والتطور التقني الهائل وأخذ بلداننا به شيئاً فشيئاً سيضطرنا إلى

احترام الوقت شئنا أم أبينا ولكن الفرق كبير بين وعيي ومعرفتي بما أفعل وبين أن أجبر على فعل أمر لم يستوعبه ضميري وعقلي، فالوقت مهم ولكن الوقوف على معناه أهم.

وأعود لأقول:

  • فلو أن طبيبا تخلف عن موعد مريضه !!!،
  •  ولو أن الأستاذ تخلف عن موعد طلبته أو محاضرته !!!،
  •  ولو أن سائق الناقلات تخلف عن موعد السفر !!!،
  • وتخلف قائد الطائرة عن موعد الرحلة !!! الخ،

لسادت الفوضى وضاع الكثير من الخير. فهل أنت أيها المسلم ممن يلتزم باحترام المواعيد بدقة ؟

 قال أحد الشعراء:

إذا قلت في شيء نعم فأتمه                       فإن نعم دين على الحر واجب
وإلا فقل لا تسترح وترح بها                      لئلا يقول الناس إنك كاذب

 


مصادر:

 http://www.alukah.net

http://www.alwasatnews.com

عن La Perle Rose